Loading

الاستخفاف بالدعاء خطر مُهلك.

كيفما يكون الدعاء فإنه مُستجاب من لدن حكيم خبير جلّ في عُلاه ما لم يدعُ المُسلم بإثم أو قطيعة رحم أو يتعجل مصداقاً لقوله تعالى ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ولأن المقام لا يتسع للحديث عن كافة جوانب هذا الموضوع المُهم ، فإننا سنقصر حديثنا على جانب واحد منه ممثلاً في الاستخفاف بالدعاء وما يترتب عليه من عواقب وخيمة لا مفر منها، فأحد الأشخاص حينما طالبه مُقرضه بإعادة حقه المالي بعد أن طالت مدته ، فبدلاً من أن يشكره أو يعتذر له قال صارخاً (ما أنا مُسدد وأعلى ما في خيلك اركبه) وعندما قال له هذا المُقرض سأشكيك على الله رد عليه وبكل وقاحة وتبجح اشتكي من اليوم لبكرة ، فما مضى شهراً تقريباً إلا ويُصاب هذا الشخص الناكر للجميل بمرض غير معروف أودى بحياته. أما ذلك الأب الذي دعا على أبنه بقوله : الله لا يردك لكونه لم يلبي طلبه وخرج من منزلهم مُتوجهاً لأصحابه ، فلم تمر دقائق معدودات إلا ويتلقى هذا الأب خبر وفاة أبنه من جراء حادث مروري مروع تعرض له بالمقربة من منزلهم ، فإلى الذين يستخفون بأمر الدعاء والذين غالباً ما يكونوا من جبابرة الأرض والمتسلطين والظالمين ،عليهم أن يدركوا تماماً خطورة ذلك على أنفسهم عاجلً أم آجلاً ، وأن يجعلوا مخافة الله أولاً نصب أعينهم في أقوالهم وأفعالهم ، فالله سبحانه وتعالى ليس بغافل عما يفعله الظالمون ، وليعلم الجميع مع هذا كله بأن الظلم لا يتوقف عند حد أكل أموال الناس بالباطل وإنما يشمل كل ما هو حق مشروع لأي كائن كان حتى لو كان كافراً ، فحرمان موظف من ترقية يستحقها من قبل مديره لأسباب شخصية يُعد ظلماً ، وحرمان زوجة من أرث زوجها بمبررات غير شرعية يُعد ظلماً أيضاً ، وينطبق ذلك على كل شركة أو مؤسسة لا تعطي موظفيها كامل حقوقهم المالية بما تم الاتفاق عليه قال الشافعي رحمه الله : أتهزأ بالدعاء وتزدريه وما تدري بما صنع الدعاء سهام الليل لا تُخطى ولكن لها أمد وللأمد انقضاء، ولعلنا نختم مقالنا هذا بقصة تلك المرأة التي كلما دخل زوجها بيتهم سمعها تدعو على أبنائهما ولأتفه الأسباب أحياناً بقولها ( الله يُكسر شوكتكم ، الله يهد حيلكم ، الله ينتقم منكم ) ومع أنه حذرها من هذا الصنيع لأكثر من مرة إلا أنها لم تستجب ، فما كان منه وهو داخل البيت ذات مرة إلا أن قال ( آمين ) بنية الاستثارة لعواطفها لا بنية التأكيد ، لترد عليه وعلى الفور: ما الذي أصابك يا رجل ؟ أترتاح إذا ما حصل لأبنائنا مكروه لا سمح الله ، فقال لها: لا بالطبع ، ولكن لماذا لا تقولين هذا لنفسك أولاً ؟ أما تعلمين بأن دعوة الوالدين مستجابة ! قالت: بلى غير أن هذا يخرج عن طوعي ، فقال لها : تخلصي من انفعالاتك الزائدة ، وألزمي ذكر الله والاستغفار والتعوذ من الشيطان الرجيم ، واستبدلي ذلكمُ الدعاء البغيض الذي أصبح لديك عادة سيئة بدعاء صالح يهديهم إلى سواء السبيل، فكم من أناس على امتداد التاريخ تعثرت بهم سبل الحياة أو هلكوا وباءُ بغضب من الله من ناتج استخفافهم بدعاء من ظلموهم ، فالدعاء أمره عظيم وسلاح للمسلم وحصنه الحصين في جميع الأحوال، والظروف( فتن وحروب وفقر وأمراض وظلم وظلال ومكدرات ) وعكسها (صحة وسعادة وهداية وأمن واستقرار ورغد عيش) وفوق هذا وذاك اللجوء إلى الله بالدعاء لنيل رضاه والفوز بجنته والعتق من النار) جعلنا الله وإياكم من المتقين ، وممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ )١- أعاتب ذا الـمودة من صديـق * إذا ما رابـني منه اجـتـنـاب.
٢- إذا ذهـب الـعـتاب فـلـيـس ود * ويـبقى الـود ما بقي العـتاب.
وحتى يكون العتاب إيجابياً ومُحققاً للأهداف التي يتطلع إليها كل فرد من أجل ديمومة العلاقات الودية مع الآخرين سواءً على المستوى الشخصي أو في محيط العمل لا بد وأن ينطلق هذا العتاب من أسس وآداب وأساليب فنية راقية نجملها فيما يلي :
١- عدم الإكثار في العتاب أو المبالغة فيه أو تضخيمه، فلقد دلت التجارب الواقعية على أن ممارسة العتاب على هذا النحو غالباً ما يؤدي بالشخص الذي نُعاتبه إلى الاشمئزاز والنفور أو يشطح به الفكر إلى حد الهجران والقطيعة، فكثرة العتاب كما قيل تورث البغضاء وتفرق الأحباب .
٢- التزام الهدوء والتعامل بالرفق واللين وعدم التعالي أو رفع الصوت على الشخص المُعاتب امتثالاً لقوله تعالى ( وقولوا للناس حُسناً ) وقوله أيضاً ( وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ).
٣- يُستحسن قبل البدء بالمُعاتبة الإشارة أولاً إلى إيجابيات من نُعاتبه لأجل تهيئته ، ومن ثم الانتقال إلى ذكر القصور أو السلبيات التي حدثت منه، ولكن دونما تقليل من شأنه أو مُعايرته نظير ما قـدمناه له من عـون أو مُساعدة في يوم من الأيام.
٤- إحسان الظن بمن نُعاتبه في حالة تغيبه عنا أو عدم تمكنه من تلبية مطالبنا، فلربما هو الآخر يمر بظروف خاصة أو صعبة لا نعلمها.
٥- أن يكون العتاب في الوقت والمكان المناسبين، وأن نُـشعر من نُعاتبه بأن معاتبتنا له هو من باب الحرص على ديمومة العلاقات الطيبة التي تربطنا به وليس العكس استخدام العبارات والألفاظ المحببة للنفس بدلاً من القاسية أو الجارحة التي من شأنها تترك في نفسية الشخص الذي تعاتبه أثراً سيئاً قد يستمر معه طوال حياته ٦- الابتعاد عن توجيه أي تهمة أو أي شيء يكرهه الشخص الذي نُعاتبه لكي لا يتحول هذا العتاب إلى مشاجرة أو نزاع ينتهي بما لا يُحمد عقباه .
يقول أكثم بن صفيي وهو ما نختم به مقالنا هذا: من تشدّق فرّق ومن تراخى تآلف ، والسرور في التغافل وغض النظر، فيما قال أحد الحكماء : من رضي من الناس بالمسامحة طال استمتاعه بهم.كما أنني أدعو في ذات الوقت إخواني المعلمين وأخواتي المعلمات إلى ضرورة تحري الإجابة الدقيقة على تساؤلات أبنائهم الطلاب والطالبات بحيث إن النقص في الإجابة أو الخطأ فيها ربما يبنى عليه معلومات خاطئة لدراستهم فيؤثر حينئذ على تحصيلهم العلمي، وليدرك الجميع من هذا المنظور أن الخطأ إذا ما وصل إلى ذاكرة الإنسان واستقر فيها دونما تصحيح لا حق فإنه بلا شك سيصبح جزءًا لا يتجزأ من المكون الفكري لهذا الإنسان والذي ربما يتحول فيما بعد مع الظروف المواتية إلى سلوك غير مناسب أو غير مرغوب فيه أو سيئ ينجم عنه أضرار ذاتية تتجاوزه إلى أناس آخرين، ولعل ما وقع من بعض الأفراد في سنوات ماضية من سلوكيات أضرت بمجتمعنا المسلم في بعض جوانب الحياة من جراء مفاهيم خاطئة في العقيدة قد تلقوها من أشخاص لهم اهتمامات في هذا الشأن خير دليل على مدى خطورة مثل هذه الأخطاء، ولذلك ما أحرانا بالتنبه والاهتمام لكل ما نقوله للناس من إفتاء أو تعليم أو غيره لنقي بالتالي أنفسنا ومجتمعنا ووطننا من الوقوع في مثل هذه الإشـكالات غـير المحمودة العواقب وحينئذ لا ينفع الـندم فمن قال لا أدري فـقد أفتى والله هو الهـادي إلى سـواء السبيل.

الاستخفاف بالدعاء خطر مُهلك.

كيفما يكون الدعاء فإنه مُستجاب من لدن حكيم خبير جلّ في عُلاه ما لم يدعُ المُسلم بإثم أو قطيعة رحم أو يتعجل مصداقاً لقوله تعالى ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ولأن المقام لا يتسع للحديث عن كافة جوانب هذا الموضوع المُهم ، فإننا سنقصر حديثنا على جانب واحد منه ممثلاً في الاستخفاف بالدعاء وما يترتب عليه من عواقب وخيمة لا مفر منها، فأحد الأشخاص حينما طالبه مُقرضه بإعادة حقه المالي بعد أن طالت مدته ، فبدلاً من أن يشكره أو يعتذر له قال صارخاً (ما أنا مُسدد وأعلى ما في خيلك اركبه) وعندما قال له هذا المُقرض سأشكيك على الله رد عليه وبكل وقاحة وتبجح اشتكي من اليوم لبكرة ، فما مضى شهراً تقريباً إلا ويُصاب هذا الشخص الناكر للجميل بمرض غير معروف أودى بحياته. أما ذلك الأب الذي دعا على أبنه بقوله : الله لا يردك لكونه لم يلبي طلبه وخرج من منزلهم مُتوجهاً لأصحابه ، فلم تمر دقائق معدودات إلا ويتلقى هذا الأب خبر وفاة أبنه من جراء حادث مروري مروع تعرض له بالمقربة من منزلهم ، فإلى الذين يستخفون بأمر الدعاء والذين غالباً ما يكونوا من جبابرة الأرض والمتسلطين والظالمين ،عليهم أن يدركوا تماماً خطورة ذلك على أنفسهم عاجلً أم آجلاً ، وأن يجعلوا مخافة الله أولاً نصب أعينهم في أقوالهم وأفعالهم ، فالله سبحانه وتعالى ليس بغافل عما يفعله الظالمون ، وليعلم الجميع مع هذا كله بأن الظلم لا يتوقف عند حد أكل أموال الناس بالباطل وإنما يشمل كل ما هو حق مشروع لأي كائن كان حتى لو كان كافراً ، فحرمان موظف من ترقية يستحقها من قبل مديره لأسباب شخصية يُعد ظلماً ، وحرمان زوجة من أرث زوجها بمبررات غير شرعية يُعد ظلماً أيضاً ، وينطبق ذلك على كل شركة أو مؤسسة لا تعطي موظفيها كامل حقوقهم المالية بما تم الاتفاق عليه قال الشافعي رحمه الله : أتهزأ بالدعاء وتزدريه وما تدري بما صنع الدعاء سهام الليل لا تُخطى ولكن لها أمد وللأمد انقضاء، ولعلنا نختم مقالنا هذا بقصة تلك المرأة التي كلما دخل زوجها بيتهم سمعها تدعو على أبنائهما ولأتفه الأسباب أحياناً بقولها ( الله يُكسر شوكتكم ، الله يهد حيلكم ، الله ينتقم منكم ) ومع أنه حذرها من هذا الصنيع لأكثر من مرة إلا أنها لم تستجب ، فما كان منه وهو داخل البيت ذات مرة إلا أن قال ( آمين ) بنية الاستثارة لعواطفها لا بنية التأكيد ، لترد عليه وعلى الفور: ما الذي أصابك يا رجل ؟ أترتاح إذا ما حصل لأبنائنا مكروه لا سمح الله ، فقال لها: لا بالطبع ، ولكن لماذا لا تقولين هذا لنفسك أولاً ؟ أما تعلمين بأن دعوة الوالدين مستجابة ! قالت: بلى غير أن هذا يخرج عن طوعي ، فقال لها : تخلصي من انفعالاتك الزائدة ، وألزمي ذكر الله والاستغفار والتعوذ من الشيطان الرجيم ، واستبدلي ذلكمُ الدعاء البغيض الذي أصبح لديك عادة سيئة بدعاء صالح يهديهم إلى سواء السبيل، فكم من أناس على امتداد التاريخ تعثرت بهم سبل الحياة أو هلكوا وباءُ بغضب من الله من ناتج استخفافهم بدعاء من ظلموهم ، فالدعاء أمره عظيم وسلاح للمسلم وحصنه الحصين في جميع الأحوال، والظروف( فتن وحروب وفقر وأمراض وظلم وظلال ومكدرات ) وعكسها (صحة وسعادة وهداية وأمن واستقرار ورغد عيش) وفوق هذا وذاك اللجوء إلى الله بالدعاء لنيل رضاه والفوز بجنته والعتق من النار) جعلنا الله وإياكم من المتقين ، وممن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ )

رؤى

Connect with us

تواصل معنا

رؤى

Connect with us

تواصل معنا

موقع قلم بار-رؤى تربوية تعليمية أدبية اجتماعية ثقافية

قلم بار-Copyright [2023-2024]@

Scroll to Top