Loading

وكـم عـز أقـوام بعـز لغـات

وبينما نحن بانتظار إشارة المرور لأجل العبور إلى أحد الشوارع المقابلة لفت نظر ابنتنا الصغيرة لوحة لسيارة كانت واقفة أمامنا مكتوبا عليها بالأحرف المتقطعة ( ل . س . ع ) فسألتنا يا بابا ما معنى لسع بعد أن ربطت هذه الأحرف ببعضها البعض .

فقلنا لها : لهذه الكلمة معاني كثيرة ومنها اللسع واللدغ وكلها تحمل معاني للدلالة على الضرر فنحن نقول على سبيل المثال النحلة لسعت فلان أو وخزته في جسمه أي أحدثت فيه ضررا من خلال ما قد زودها الله بها من عضو أشبه بالشوكة أو الإبرة إن صح هذا التعبير ، ولا نخال عليكم فمنذ ذلك اليوم وأبنتنا هذه دائما ما تسألنا كلما شاهدت شيئا أو وقع نظرها عليه لأول مرة . بل ولا ترتاح ما لم نجيبها على سؤالها ، فهي تحب الاستطلاع وان شئتم فقولوا فضولية وهي سمة لا شك أنها ايجابية طالما هي تنشد المعرفة والتزود بالعلم والثقافة العامة من ذلك أيضا سؤالها ذات مرة ما معنى مول (. . ) حيث وقع نظرها على لوحة تحمل هذه الكلمة مثبته فوق واجهة احد المحلات التجارية بأحد المناطق التي زرناها آنذاك .

فقلنا لها وبحسب علمنا بان هذه الكلمة ( مول ) تعني السوق الكبير بالفرنسية . وعندما تحركنا إلى جهة أخرى من هذا السوق أحسسنا بأنها بحاجة إلى طعام فاضطرنا الأمر للتوجه إلى بوفيه لشراء ساندويتش . فما كان منها إلا أن قالت يا بابا ما معنى بوفيه وساندويتش . فقلنا لها بوفيه تعني بحسب اجتهادنا الشخصي متجر صغير يُحضّر فيه طعام خفيف في اقصر وقت ممكن . أما ساندويتش فهي بحسب ما اتفق عيه في المجمع اللغوي العربي بالقاهرة شاطر ومشطور وبينهما طازج . علما بان كلمة شاطر تعني في لغتنا الجميلة خبيث ، ويا ليتنا لم نقل لها هذا القول . فقد استشاظت غضباً ، وعندما سألناها ولماذا غضبتي هكذا ؟ قالت كل يوم وأنا في المدرسة تقول لي معلمتي يا شاطرة أقفي حينما تسألني سؤال . . يا شاطرة اجلسي حينما انتهي من إجابة ذلك السؤال . فهل معنى ذلك بأني خبيثة ! فقلنا لها لا بالطبع ، وحاشى لله أن تكوني كذلك ، فلغتنا الجميلة مليئة بالكلمات والاشتقاقات والمترادفات ، وبالتالي ليس بالضرورة أن تكون كلمة شاطر تعني خبيثة ، وعندما هدأت نفسها واستأنست لهذا القول .

سألتنا ، ولماذا نأتي بأسماء لا نعرفها ونسمي بها محلاتنا التجارية أو نتداولها في حديثنا ولغتنا العربية تعج بالكثير من هذه الأسماء والكلمات والعبارات الهادفة والبناءة والجميلة ! فقلنا لها كان من الأولى أن نكون كذلك ولكن البعض منا وللأسف الشديد يظن بان استخدام مثل هذه العبارات أو الكلمات الأجنبية هي نوع من التحضر أو التمدن بل وان البعض من مزاولي الأنشطة التجارية يعمدون لاستعمال هذه الأسماء والكلمات من باب لفت انتباه الناس إليهم أو أن ما لديهم من سلع تدخل في نطاق الجودة العالمية لأجل جذب الناس لكي يشتروا من سلعهم وبضائعهم وهي ليست على هذا النحو من هذه الجودة ، وحتى نريح ابنتنا من هذه التساؤلات المتواترة بحسب ما نتوقعه منها في هذا المنحى واختصارا للوقت . قلنا لها هناك كلمات كثيرة يغمد بعض الناس لاستعمالها على الرغم من وجود بدائل لها في لغتنا الجميلة ( ككلمة السوق المركزي بدلا من سوبر ماركت ، ومحاسب بدلا من كل كلمة كاشير ، وحسناً بدلا من كلمة أوكي ، وتخفيض بدلا من كلمة دسكاونت ، ومطبخ بدلا من كلمة كتشن ) فنحن لا نحتاج إلى مسميات أو مصطلحات في ظل ما نحن فيه من متغيرات حياتية لا بد منها وإنما نحتاج إلى رسوخ مبدأي واعتزاز بلغتنا العربية العريقة ، وللإحاطة فان الغربيين بعامتهم لا يفضلون أي لغة على لغتهم الأم بل ويتشبثون بها كتشبث القطن في شجر السمر كما يقال ولله در الشاعر حافظ إبراهيم حينما قال وهو يجسد حال لغتنا الجميلة مع واقعنا المعاصر :

وسعـت كـتـاب الله لـفـظـا وغـايـة * وما ضقت عن آي به وعظات فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة * وتـنـسيق أسـماء لـمخـترعـات إلى أن قال :

أيهـجـرنـي قــومي عـفا الله عـنهم * إلـى لـغـة لـم تـتصل بـرواتـي أرى لـرجال الغـرب عـزا ومـنعة * وكـم عــز أقــوام بـعـز لـغـات

هكذا هو حالنا مع لغتنا العربية والتي يفترض أن تتألق على غيرها من اللغات الأخرى وليس العكس . ذلك لأنها تشرفت بالقرآن الكريم الذي نزل بها كما في قوله تعالى ( إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ) وقوله أيضا ( نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ) أما ابنتنا ومن على شاكلتها من جيل الحاضر فلا ندري ما الذي يفعلوه إذا ما كبروا في ظل تسامي استخدام لغات أجنبية على حساب لغتنا العربية الأصيلة ، والتي لا تزال ومنذ القدم تجد من يحاصرها ويضيق عليها لا سيما من قبل الغربيين وذلك من خلال العولمة والتي تجاوزت في مفهومها الشامل من أنها تعنى أن العالم قد أصبح قرية صغيرة إلى مفاهيم أخرى من الهيمنة والتسلط والغزو الفكري وغير ذلك مما يتيح لهم فرص استغلال موارد ومقدرات الشعوب النامية أو الضعيفة لصالحهم .

متخذين من وسائل الإعلام وبما تتسم به من سرعة وإتقان وقلة تكلفة وسيلة لتحقيق مأربهم وأهدافهم في هذا الشأن السيئ وهو ما نحسبه شرا مستطيرا على امة الإسلام وخاصته إذا ما ظلت كذلك بما في ذلك اللغة العربية والتأثير عليها أو محاولة طمسها بأي شكل من الأشكال وهيهات هيهات أن يتحقق لهم ما أرادوا إذا ما أخذنا في الاعتبار أن هذه اللغة العربية قد حفظها الله بحفظ كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل لا من بين أيديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .

وكـم عـز أقـوام بعـز لغـات

وبينما نحن بانتظار إشارة المرور لأجل العبور إلى أحد الشوارع المقابلة لفت نظر ابنتنا الصغيرة لوحة لسيارة كانت واقفة أمامنا مكتوبا عليها بالأحرف المتقطعة ( ل . س . ع ) فسألتنا يا بابا ما معنى لسع بعد أن ربطت هذه الأحرف ببعضها البعض .

فقلنا لها : لهذه الكلمة معاني كثيرة ومنها اللسع واللدغ وكلها تحمل معاني للدلالة على الضرر فنحن نقول على سبيل المثال النحلة لسعت فلان أو وخزته في جسمه أي أحدثت فيه ضررا من خلال ما قد زودها الله بها من عضو أشبه بالشوكة أو الإبرة إن صح هذا التعبير ، ولا نخال عليكم فمنذ ذلك اليوم وأبنتنا هذه دائما ما تسألنا كلما شاهدت شيئا أو وقع نظرها عليه لأول مرة . بل ولا ترتاح ما لم نجيبها على سؤالها ، فهي تحب الاستطلاع وان شئتم فقولوا فضولية وهي سمة لا شك أنها ايجابية طالما هي تنشد المعرفة والتزود بالعلم والثقافة العامة من ذلك أيضا سؤالها ذات مرة ما معنى مول (. . ) حيث وقع نظرها على لوحة تحمل هذه الكلمة مثبته فوق واجهة احد المحلات التجارية بأحد المناطق التي زرناها آنذاك .

فقلنا لها وبحسب علمنا بان هذه الكلمة ( مول ) تعني السوق الكبير بالفرنسية . وعندما تحركنا إلى جهة أخرى من هذا السوق أحسسنا بأنها بحاجة إلى طعام فاضطرنا الأمر للتوجه إلى بوفيه لشراء ساندويتش . فما كان منها إلا أن قالت يا بابا ما معنى بوفيه وساندويتش . فقلنا لها بوفيه تعني بحسب اجتهادنا الشخصي متجر صغير يُحضّر فيه طعام خفيف في اقصر وقت ممكن . أما ساندويتش فهي بحسب ما اتفق عيه في المجمع اللغوي العربي بالقاهرة شاطر ومشطور وبينهما طازج . علما بان كلمة شاطر تعني في لغتنا الجميلة خبيث ، ويا ليتنا لم نقل لها هذا القول . فقد استشاظت غضباً ، وعندما سألناها ولماذا غضبتي هكذا ؟ قالت كل يوم وأنا في المدرسة تقول لي معلمتي يا شاطرة أقفي حينما تسألني سؤال . . يا شاطرة اجلسي حينما انتهي من إجابة ذلك السؤال . فهل معنى ذلك بأني خبيثة ! فقلنا لها لا بالطبع ، وحاشى لله أن تكوني كذلك ، فلغتنا الجميلة مليئة بالكلمات والاشتقاقات والمترادفات ، وبالتالي ليس بالضرورة أن تكون كلمة شاطر تعني خبيثة ، وعندما هدأت نفسها واستأنست لهذا القول .

سألتنا ، ولماذا نأتي بأسماء لا نعرفها ونسمي بها محلاتنا التجارية أو نتداولها في حديثنا ولغتنا العربية تعج بالكثير من هذه الأسماء والكلمات والعبارات الهادفة والبناءة والجميلة ! فقلنا لها كان من الأولى أن نكون كذلك ولكن البعض منا وللأسف الشديد يظن بان استخدام مثل هذه العبارات أو الكلمات الأجنبية هي نوع من التحضر أو التمدن بل وان البعض من مزاولي الأنشطة التجارية يعمدون لاستعمال هذه الأسماء والكلمات من باب لفت انتباه الناس إليهم أو أن ما لديهم من سلع تدخل في نطاق الجودة العالمية لأجل جذب الناس لكي يشتروا من سلعهم وبضائعهم وهي ليست على هذا النحو من هذه الجودة ، وحتى نريح ابنتنا من هذه التساؤلات المتواترة بحسب ما نتوقعه منها في هذا المنحى واختصارا للوقت . قلنا لها هناك كلمات كثيرة يغمد بعض الناس لاستعمالها على الرغم من وجود بدائل لها في لغتنا الجميلة ( ككلمة السوق المركزي بدلا من سوبر ماركت ، ومحاسب بدلا من كل كلمة كاشير ، وحسناً بدلا من كلمة أوكي ، وتخفيض بدلا من كلمة دسكاونت ، ومطبخ بدلا من كلمة كتشن ) فنحن لا نحتاج إلى مسميات أو مصطلحات في ظل ما نحن فيه من متغيرات حياتية لا بد منها وإنما نحتاج إلى رسوخ مبدأي واعتزاز بلغتنا العربية العريقة ، وللإحاطة فان الغربيين بعامتهم لا يفضلون أي لغة على لغتهم الأم بل ويتشبثون بها كتشبث القطن في شجر السمر كما يقال ولله در الشاعر حافظ إبراهيم حينما قال وهو يجسد حال لغتنا الجميلة مع واقعنا المعاصر :

وسعـت كـتـاب الله لـفـظـا وغـايـة * وما ضقت عن آي به وعظات فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة * وتـنـسيق أسـماء لـمخـترعـات إلى أن قال :

أيهـجـرنـي قــومي عـفا الله عـنهم * إلـى لـغـة لـم تـتصل بـرواتـي أرى لـرجال الغـرب عـزا ومـنعة * وكـم عــز أقــوام بـعـز لـغـات

هكذا هو حالنا مع لغتنا العربية والتي يفترض أن تتألق على غيرها من اللغات الأخرى وليس العكس . ذلك لأنها تشرفت بالقرآن الكريم الذي نزل بها كما في قوله تعالى ( إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ) وقوله أيضا ( نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ) أما ابنتنا ومن على شاكلتها من جيل الحاضر فلا ندري ما الذي يفعلوه إذا ما كبروا في ظل تسامي استخدام لغات أجنبية على حساب لغتنا العربية الأصيلة ، والتي لا تزال ومنذ القدم تجد من يحاصرها ويضيق عليها لا سيما من قبل الغربيين وذلك من خلال العولمة والتي تجاوزت في مفهومها الشامل من أنها تعنى أن العالم قد أصبح قرية صغيرة إلى مفاهيم أخرى من الهيمنة والتسلط والغزو الفكري وغير ذلك مما يتيح لهم فرص استغلال موارد ومقدرات الشعوب النامية أو الضعيفة لصالحهم .

متخذين من وسائل الإعلام وبما تتسم به من سرعة وإتقان وقلة تكلفة وسيلة لتحقيق مأربهم وأهدافهم في هذا الشأن السيئ وهو ما نحسبه شرا مستطيرا على امة الإسلام وخاصته إذا ما ظلت كذلك بما في ذلك اللغة العربية والتأثير عليها أو محاولة طمسها بأي شكل من الأشكال وهيهات هيهات أن يتحقق لهم ما أرادوا إذا ما أخذنا في الاعتبار أن هذه اللغة العربية قد حفظها الله بحفظ كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل لا من بين أيديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .

رؤى

Connect with us

تواصل معنا

رؤى

Connect with us

تواصل معنا

موقع قلم بار-رؤى تربوية تعليمية أدبية اجتماعية ثقافية

قلم بار-Copyright [2023-2024]@

Scroll to Top