Loading

قالت لي أمي التي أرضعتني لـبُـان الفضيلة

في سنة قديمة وفي جو مُفعم بالمودة والتعاون والوئام قالت لي أمي: خذ الحب وتعني بذلك حب القمح وجمعه حبوب ونقيه فقلت لها: يا أماه وما معنى نقيه ؟ حيث كنت صغيراً آنذاك فقالت لي: أي نظفه وخلصه مما علق به من شوائب وتمر الأيام فإذا بي أجد نفسي أمام مثل هذا المعنى في إحدى الصفوف الدراسية وتحديدا في مادة العلوم حيث كتب معلمنا في إحدى حصصه لهذه المادة على السبورة موضوعاً بعنوان ( تنقية المادة ) والذي ما إنا فرغ من كتابته إلا أن قال: يا أولاد من منكم رأى أمهُ أو إحدى قريباته وهي تنقي الحب ؟ فقلت له متعجلاً من بين زملائي بالفصل: أنا يا أستاذ وشرحت له ما أراد وكأني أفهم في حينها بأنه يُهيئنا للدرس الجديد من خلال هذا الربط وتكوين الصورة الذهنية اللازمة للدخول في مضامينه وهذا ما فعله معلمنا في تلك الحصة ليؤكد لنا في النهاية بأن التنقية مهمة جداً لحياتنا وسلامتنا وإن اختلفت الوسائل موضحاً في ذات الوقت بأن تنقية الحبوب ليست كتنقية المياه أو السوائل الأخرى ولكن الهدف واحد وينسحب ذلك على سائر المأكولات والمشروبات وغيرها كثير في مجالات الحياة، وهكذا تعلمت من أستاذي في تلك الحصة المُشوقة ماهية التنقية ؟ وقبل ذلك من والدتي ( فضية ) واسمها مُشتقة من الفضاء يرحمها الله حيث تعلمت منها وبالتدريب العملي كيف ننقي الحبوب من الشوائب. أما اليوم فلا نكاد نرى شيئاً مما يقع في أيدينا نحن البشر أو نشاهده أو نسمعه أو نتلفظ  به إلا ويحتاج منا إلى مثل هذه التنقية سواء الملموسة منها أو المحسوسة كتلك التي تدور في أفئدتنا وعقولنا وأغوار أنفسنا فعلى مستوى التكوين الجسمي فإنه على الرغم من وجود مُنقيات أو مصفيات أو فلاتر إن صح هذا التعبير بدواخلنا ممثلة في بعض الأعضاء أو الأجهزة الداخلية التي تقوم بمثل هذا الدور كالرئتين وما شابهها من الأعضاء الأخرى في هذه المُهمة إلا أن الواقع الحالي للحياة المعاصرة وما يدور في محيطها من ملوثات صناعية وفكرية وبيئية تفرض علينا مزيداً من الاهتمام والانتباه والحذر والتدقيق والتمحيص والنظرة الثاقبة لكل ما يجري من حولنا، وما يُمكن أن يدخل لأجسامنا من مأكولات أو مشروبات أو خلافها مما قد يقع أمامنا من محرمات منهية عنها سواء بصورة مباشرة كالميتة والدم ولحم الخنزير والتي جاء تحريمها بنص القرآن الكريم أو غير المباشرة من خلال الكسب الحرام كما في الحديث: ما نبت لحم أو دم على سُحت ( أي حرام ) إلا والنار أولى به. أما على مستوى السلوك الإنساني فلا يساورني أدنى نشك من أن القوى الخفية أو المدركات الحسية الداخلية لذواتنا والتي تسمى أحيانا العقل الباطني ( بصيرة , ضمير, وجدانيات ) لها ارتباط وثيق بتوجيه سلوكياتنا نحو أفعل أو لا تفعل والتي إذا ما غُـلفـت بالإيمان الصادق بالله تعالى أصبحت حينئذ مُدعاة لكل خُـلق  والينبوع الصافي النقي المتدفق الذي ينبغي أن نغرف من معينه وأن ننطلق من أتونه في أقوالنا وأفعالنا فلا نقول إلا خيراً بعد أن نُجرد ألسنتنا من الكذب والنميمة والكلام البذيء أو الجارح ولا نعمل إلا صالحاً بعد أن نُجرد قلوبنا وأفئدتنا من الغل والحقد والحسد والكراهية التي نبذها الشرع الإسلامي الحنيف متمثلين بهدي نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام حينما قال ( أحب لأخيك ما تحبه لنفسك واكره له ما تكرهه لها ) وفي مسألة المخاطبة أو الحوار قوله تعالى ( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) وفي آية أخرى ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) ولعلنا نخلص إلى القول بأنه بقدر ما نحتاج إلى تقنيات متطورة في شتى مجالات الحياة وزخرفها من السهولة والسرعة والإتقان كما هو حاصل اليوم بقدر ما نحتاج أيضا إلى مؤطرات إيمانية ومعرفية ننقي بها قلوبنا وعقولنا وأفئدتنا مما قد علق بها من شوائب الرذيلة والمفاسد الخلقية والفكرية الجانحة وذلك سعياً وراء تحقيق الأفضل لسلوكنا لمواجهة مثل هذه المتغيرات الحياتية على نحو من الهدوء والسكينة والاستقرار والمحبة والألفة والتعاون كما كان عليه أسلافنا بإيمانهم العامر بذكر الله و طاعته وليس العكس حين نجعل من سلوكنا أداة هدم أو معول شر نؤذي به الآخرين أو نكون سبباً في تعاستهم لأتفه الأسباب من خلال السلوك اللفظي أو الحركي أو عن طريق الوسائل الآلية أو التقنية التي يُفترض الاستفادة منها بدلاً من الإضرار بها و هذا ما وددنا الوصول إليه في نهاية هذا المطاف

قالت لي أمي التي أرضعتني لـبُـان الفضيلة

في سنة قديمة وفي جو مُفعم بالمودة والتعاون والوئام قالت لي أمي: خذ الحب وتعني بذلك حب القمح وجمعه حبوب ونقيه فقلت لها: يا أماه وما معنى نقيه ؟ حيث كنت صغيراً آنذاك فقالت لي: أي نظفه وخلصه مما علق به من شوائب وتمر الأيام فإذا بي أجد نفسي أمام مثل هذا المعنى في إحدى الصفوف الدراسية وتحديدا في مادة العلوم حيث كتب معلمنا في إحدى حصصه لهذه المادة على السبورة موضوعاً بعنوان ( تنقية المادة ) والذي ما إنا فرغ من كتابته إلا أن قال: يا أولاد من منكم رأى أمهُ أو إحدى قريباته وهي تنقي الحب ؟ فقلت له متعجلاً من بين زملائي بالفصل: أنا يا أستاذ وشرحت له ما أراد وكأني أفهم في حينها بأنه يُهيئنا للدرس الجديد من خلال هذا الربط وتكوين الصورة الذهنية اللازمة للدخول في مضامينه وهذا ما فعله معلمنا في تلك الحصة ليؤكد لنا في النهاية بأن التنقية مهمة جداً لحياتنا وسلامتنا وإن اختلفت الوسائل موضحاً في ذات الوقت بأن تنقية الحبوب ليست كتنقية المياه أو السوائل الأخرى ولكن الهدف واحد وينسحب ذلك على سائر المأكولات والمشروبات وغيرها كثير في مجالات الحياة، وهكذا تعلمت من أستاذي في تلك الحصة المُشوقة ماهية التنقية ؟ وقبل ذلك من والدتي ( فضية ) واسمها مُشتقة من الفضاء يرحمها الله حيث تعلمت منها وبالتدريب العملي كيف ننقي الحبوب من الشوائب. أما اليوم فلا نكاد نرى شيئاً مما يقع في أيدينا نحن البشر أو نشاهده أو نسمعه أو نتلفظ  به إلا ويحتاج منا إلى مثل هذه التنقية سواء الملموسة منها أو المحسوسة كتلك التي تدور في أفئدتنا وعقولنا وأغوار أنفسنا فعلى مستوى التكوين الجسمي فإنه على الرغم من وجود مُنقيات أو مصفيات أو فلاتر إن صح هذا التعبير بدواخلنا ممثلة في بعض الأعضاء أو الأجهزة الداخلية التي تقوم بمثل هذا الدور كالرئتين وما شابهها من الأعضاء الأخرى في هذه المُهمة إلا أن الواقع الحالي للحياة المعاصرة وما يدور في محيطها من ملوثات صناعية وفكرية وبيئية تفرض علينا مزيداً من الاهتمام والانتباه والحذر والتدقيق والتمحيص والنظرة الثاقبة لكل ما يجري من حولنا، وما يُمكن أن يدخل لأجسامنا من مأكولات أو مشروبات أو خلافها مما قد يقع أمامنا من محرمات منهية عنها سواء بصورة مباشرة كالميتة والدم ولحم الخنزير والتي جاء تحريمها بنص القرآن الكريم أو غير المباشرة من خلال الكسب الحرام كما في الحديث: ما نبت لحم أو دم على سُحت ( أي حرام ) إلا والنار أولى به. أما على مستوى السلوك الإنساني فلا يساورني أدنى نشك من أن القوى الخفية أو المدركات الحسية الداخلية لذواتنا والتي تسمى أحيانا العقل الباطني ( بصيرة , ضمير, وجدانيات ) لها ارتباط وثيق بتوجيه سلوكياتنا نحو أفعل أو لا تفعل والتي إذا ما غُـلفـت بالإيمان الصادق بالله تعالى أصبحت حينئذ مُدعاة لكل خُـلق  والينبوع الصافي النقي المتدفق الذي ينبغي أن نغرف من معينه وأن ننطلق من أتونه في أقوالنا وأفعالنا فلا نقول إلا خيراً بعد أن نُجرد ألسنتنا من الكذب والنميمة والكلام البذيء أو الجارح ولا نعمل إلا صالحاً بعد أن نُجرد قلوبنا وأفئدتنا من الغل والحقد والحسد والكراهية التي نبذها الشرع الإسلامي الحنيف متمثلين بهدي نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام حينما قال ( أحب لأخيك ما تحبه لنفسك واكره له ما تكرهه لها ) وفي مسألة المخاطبة أو الحوار قوله تعالى ( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) وفي آية أخرى ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) ولعلنا نخلص إلى القول بأنه بقدر ما نحتاج إلى تقنيات متطورة في شتى مجالات الحياة وزخرفها من السهولة والسرعة والإتقان كما هو حاصل اليوم بقدر ما نحتاج أيضا إلى مؤطرات إيمانية ومعرفية ننقي بها قلوبنا وعقولنا وأفئدتنا مما قد علق بها من شوائب الرذيلة والمفاسد الخلقية والفكرية الجانحة وذلك سعياً وراء تحقيق الأفضل لسلوكنا لمواجهة مثل هذه المتغيرات الحياتية على نحو من الهدوء والسكينة والاستقرار والمحبة والألفة والتعاون كما كان عليه أسلافنا بإيمانهم العامر بذكر الله و طاعته وليس العكس حين نجعل من سلوكنا أداة هدم أو معول شر نؤذي به الآخرين أو نكون سبباً في تعاستهم لأتفه الأسباب من خلال السلوك اللفظي أو الحركي أو عن طريق الوسائل الآلية أو التقنية التي يُفترض الاستفادة منها بدلاً من الإضرار بها و هذا ما وددنا الوصول إليه في نهاية هذا المطاف

رؤى

Connect with us

تواصل معنا

رؤى

Connect with us

تواصل معنا

موقع قلم بار-رؤى تربوية تعليمية أدبية اجتماعية ثقافية

قلم بار-Copyright [2023-2024]@

Scroll to Top