Loading

سلامة التفكير وأثره على السلوك

عد التفكير أحد المتلازمات الفطرية في الإنسان كما وانه أيضاً من الأنشطة العقلية التي لا غنى عنها أيضاً للإنسان إذا لم يصبه أذى في عقله فيعطله عن وظيفته.. ولاهمية التفكير لهذا الإنسان على وجه الخصوص فقد ندب إليه الإسلام من باب التأمل والتبصر تارة ومن باب التفقه والتعقل تارة اخرى، قال تعالى: {ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار} – آل عمران 191وقوله أيضاً {وفي الأرض آيات للموقنين، وفي أنفسكم أفلا تبصرون} – الذاريات 21وقوله أيضاً {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} – الاعراف 176وغيرها من الآيات الأخرى في كتاب الله العزيز وهي كثيرة لمن تدبرها والتي دائماً ما تدعو للتفكير في ملكوت السموات والأرض وفي عجائب مخلوقات الله تعالى وفي عظمته وبديع صنعه وإلى ما يدعو أيضاً إلى التفكر والتدبر فيما آل إليه كل من حاد عن رضاه وطاعته من الدمار والهلاك وكذلك فيما يدعو لأخذ العبرة والاتعاظ من أجل استقامة السلوك وتحقيق العبودية لله وحده.

قال تعالى {قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين} – الأنعام .11.فما أجله من تفكير قال عنه ابن القيم الجوزية – رحمه الله – بأنه مفتاح الإيمان والم وصلة إليه وإلى كل ما يمكن معرفته أو الوصول إلى تحقيقه في شتى مناحي الحياة وذلك وفق ما ينكشف للمرء من تباين في الأفضلية أو تمايز بين الخير والشر وما ينبغي للمرء الاحتراز منه أو السعي إلى تحصيله من أساس هذه النظرة (بتصرف) ولأن الناس جميعهم ليسوا سواء في تفكيرهم كناتج طبيعي لاختلاف عقائدهم وقيمهم الاجتماعية وثقافتهم وفلسفاتهم التربوية المتنوعة التي تربوا ونشأوا عليها فإن هذا ما جعل كل واحد من هؤلاء الناس له طريقته الخاصة في التفكير وكذلك في وزنه وتقديره للأمور.

وهذا ما نلمسه بوضوح على أرض الواقع من خلال تصرفات وسلوكيات سائر البشر على هذه البسيطة ونحن من بينهم بطبيعة الحال سواءً أكان ذلك لفظياً أو حركياً أو بهما معاً. ولعل ما نذكره هنا من بعض المواقف الإنسانية الحية تجسد بعضاً مما نريد توضيحه في هذا المجال التفكيري.. فأحد الأشخاص حينما قال له أحد المهندسين لابد لك من أن تنفذ جميع القواعد الواردة في مخطط عمارتك حيث اعترض على عددها قال له وبمنتهى البساطة لا داعي لتنفيذها كلها فالمهم منها ما كان في الجوانب الرئيسة والوسط فقط وعندما أكد عليه بضرورة ذلك ما لبث أن رد عليه بقول: أنتم يا مهندسون تضخمون الأمور وتكبرونها و هي لا تستحق فلقد كنا في الماضي وحتى إلى عهد قريب لا نعرف مثل هذه القواعد وكل ما كنا نفعله هو وضع السيسان من حجر وطين ومع هذا لم تسقط علينا بيوتنا في ذلك الوقت بل أن بعضها لا يزال قائماً إلى اليوم (فالكلام على النية) مما حدا بهذا المهندس إلى طلب ابن هذا الرجل والذي بحضوره واقناعه لوالده تنفذ المطلوب.. في حين أن شخصاً آخر لم يبرح مكتب ذلك المهندس الذي اتفق معه لتصميم مخطط لعمارته ما لم يؤكد عليه بضرورة تكبير حجم قواعد عمارته وربطها ببعضها البعض مع زيادة حديد التسليح ما أمكن مبرراً ذلك بانه ربما تساعفه الظروف لزيادة عدد الادوار..

اما المعلم (…) والذي اخترناه كنموذج رائع لتربية التفكير وتنميته فقد كان له شأن آخر مع أحد طلبته فبدلاً من أن يعمد إلى ضربه حيث رآه يلقي زجاجة فارغة على الأرض بجوار مدرسته بعد انصراف طلابها قام باستدعائه ومن ثم اخذه بكل هدوء وسكينة إلى مكان آخر بعيداً عن زملائه الطلاب حتى إذا ما احاطه بمشاعره الطيبة طرح عليه بعض الاسئلة بهدف تنمية تفكيره ومن ثم تعديل سلوكه (أسلوب حل المشكلات) ومن ذلك سؤاله للطالب: أما كنت تتوقع أن تنكسر هذه الزجاجة التي ألقيت بها على الأرض؟ ولو أن أحداً من الناس مشى عل يها دون انتباه ونفذت إلى جسمه وحدث له تسمم فما الذي تفعله لو كنت مكانه؟ ومن جهة أخرى كيف يكون عليه حالك فيما لو كان هذا الشخص الذي تعرض للتسمم هو أعز الناس عليك كأن يكون أباك أو أحد اخوتك أو صديقاً حميماً لك وأن هذا التسمم قد شمل كافة جسمه إلى أن أودى بحياته؟ حتى إذا ما انتهى المعلم من هذه الاسئلة قال له التلميذ والله يا أستاذي: لقد أثرت في نفسي أشياء كثيرة لم تكن في الحسبان ويعلم الله أن كل ما كنت أدركه هو أن هذه الزجاجة التي رميتها على الأرض حتى لو انكسرت فلا أعتقد أنها بهذه البساطة تنفذ إلى أرجل المارين وهم يلبسون أحذية ذات أكعب عالية أو محكمة الصنع غالباً، كما أنني لا أتوقع أحداً من الناس يمر عليها وهو يراها وفي نفس الوقت لا أتوقع أن عمال النظافة المتواجدين هنا بصفة دائمة يتركون مثل هذا الزجاج مبعثراً على الأرض دون تنظيف هكذا قال الطالب: والذي ما ان ادرك أبعاد هذه المشكلة إلا وقد قطع على نفسه عهداً بعدم تكرار ذلك مستقبلا وهنا لا يفوتنا أن نشير في هذا المقام إلى أن المعلم لو أنه استخدم الضرب لعلاج هذا التصرف الذي حدث من قبل تلميذه وهو وقتي بلاشك لكان مدعاة لنفور هذا الطالب ولربما يدفعه هذا إلى المزيد من مثل هذا السلوك السيىء ولكن وكما قرأتم آنفاً ان الطالب حس بخطأه واستشعر عن كثب ابعاد تصرفه إلى الحد الذي قطع على نفسه عهداً بعدم تكرار مثل هذا مرة اخرى.

تذكرني هذه الواقعة بقصة ذلك الشاب الذي مثل أمام الرسول صلى الله عليه وسلم ليستأذنه في فعل فاحشة الزنا والذي ما ان ادرك أبعاده وخطره فيما لو وقع لأمه أو لأخته أو أحد قريباته حيث اثار فيه الرسول صلى الله عليه وسلم حب الفضول والغيرة على نساء أهله من خلال طرح بعض الاسئلة عليه كقول: (أترضاه لأمك – أترضاه لأختك…) وهي الأسئلة التي كان جوابه عليها بالنفي قطعاً.. إلا وقد غير هذا الشاب ومن خلالها نمط تفكيره الخاطئ في هذه المسألة إلى نمط آخر من التفكير السليم والذي كان من نتائجه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له بالبركة والتوفيق. فما أحرانا بالاستفادة من مثل هذه القصص فنستلهم منها العظة والعبرة وما أجملنا ونحن ننبذ مثل هذه السلوكيات المشينة والتي ليست من الأخلاق في شيء سوى الندم والخسارة وغضب الله تعالى ناهيك عما تحدثه مثل هذه السلوكيات المخالفة لأبسط قواعد السلوك والاخلاق الكريمة بين الناس من كراهية وفرقة ما الله بها عليم قال صلى الله عليه وسلم “حب لأخيك ما تحبه لنفسك”.. وفي المثل كما تدين تدان.. نعود ثانية لنؤكد أن التفكير كأحد أعمال العقل أمر مهم للتفاعل مع الحياة (أنا أفكر.. إذاً أنا موجود) على حد تعبير (ديكارت) ولكن مع هذا ينبغي الا نستغله في استجلاب الضرر لأنفسنا كأن يفكر أحدنا في الانتحار للتخلص من ضغوط الحياة ومنغصاتها وهي النظرة التفكيرية الخاطئة للحياة كنتيجة حتمية لضعف الإيمان أو ان نستغله في استجلاب المخدرات بأي طريقة كانت لأجل تعاطيها أو ترويجها بين الناس فنقع حينئذ في المهلكات التي حذرنا منها الإسلام لما فيها من أضرار كبيرة وجسيمة وهلاك للإنسان، كما في قوله {ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة} أو أن نستغله (أي التفكير) في ايذاء الناس من خلال تبني افكار هدامة أو منحرفة أو شاذة عن منهجية الحق واليقين وخاصة المجتمع المسلم قال تعالى {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً واثماً مبيناً} – الاحزاب .58.

هذا ما أردناه لهذا الموضوع المهم لحياتنا مؤكدين في ذات الوقت بأن تنمية التفكير واتساع المدارك لا يأتي من فراغ وانما يتحقق بكثرة القراءة والاطلاع على ما يدور في فلك الحياة من علوم ومعارف وثقافات اضافة للوقوف على حقائق الأمور من خلال التفقه في الدين واجراء التجارب والأبحاث وليس العكس حيث ينغلق الإنسان على نفسه فلا يجد بداً من انحسار تفكيره وكثرة اخطائه وتجاوزاته.. وحسبي أن حسن السلوك من حسن التفكير وان حسنيهما يتحقق مع وجود القلب السليم العامر بالإيمان ولا غير قال صلى الله عليه وسلم (الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات.. إلى قوله: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله الا وهو القلب) والقلب يعني في هذا الاطار حسب رأي كثير من العلماء ممن تعمقوا في دراسة هذا الجانب هو العقل الباطني وبما يدور في كنفه من بصيرة وضمير وارادة ووجدان والتي تؤلف في مجملها النهائي الضابط العام لبلورة الافكار والنوازع وما ينضوي عنها من سلوكيات بين افعل ولا تفعل والتي إذا ما غلفت بالإيمان كما أسلفنا كانت محققة لاستقامة السلوك قال تعالى {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو اذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} – الحج .46.والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

سلامة التفكير وأثره على السلوك

عد التفكير أحد المتلازمات الفطرية في الإنسان كما وانه أيضاً من الأنشطة العقلية التي لا غنى عنها أيضاً للإنسان إذا لم يصبه أذى في عقله فيعطله عن وظيفته.. ولاهمية التفكير لهذا الإنسان على وجه الخصوص فقد ندب إليه الإسلام من باب التأمل والتبصر تارة ومن باب التفقه والتعقل تارة اخرى، قال تعالى: {ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار} – آل عمران 191وقوله أيضاً {وفي الأرض آيات للموقنين، وفي أنفسكم أفلا تبصرون} – الذاريات 21وقوله أيضاً {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} – الاعراف 176وغيرها من الآيات الأخرى في كتاب الله العزيز وهي كثيرة لمن تدبرها والتي دائماً ما تدعو للتفكير في ملكوت السموات والأرض وفي عجائب مخلوقات الله تعالى وفي عظمته وبديع صنعه وإلى ما يدعو أيضاً إلى التفكر والتدبر فيما آل إليه كل من حاد عن رضاه وطاعته من الدمار والهلاك وكذلك فيما يدعو لأخذ العبرة والاتعاظ من أجل استقامة السلوك وتحقيق العبودية لله وحده.

قال تعالى {قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين} – الأنعام .11.فما أجله من تفكير قال عنه ابن القيم الجوزية – رحمه الله – بأنه مفتاح الإيمان والم وصلة إليه وإلى كل ما يمكن معرفته أو الوصول إلى تحقيقه في شتى مناحي الحياة وذلك وفق ما ينكشف للمرء من تباين في الأفضلية أو تمايز بين الخير والشر وما ينبغي للمرء الاحتراز منه أو السعي إلى تحصيله من أساس هذه النظرة (بتصرف) ولأن الناس جميعهم ليسوا سواء في تفكيرهم كناتج طبيعي لاختلاف عقائدهم وقيمهم الاجتماعية وثقافتهم وفلسفاتهم التربوية المتنوعة التي تربوا ونشأوا عليها فإن هذا ما جعل كل واحد من هؤلاء الناس له طريقته الخاصة في التفكير وكذلك في وزنه وتقديره للأمور.

وهذا ما نلمسه بوضوح على أرض الواقع من خلال تصرفات وسلوكيات سائر البشر على هذه البسيطة ونحن من بينهم بطبيعة الحال سواءً أكان ذلك لفظياً أو حركياً أو بهما معاً. ولعل ما نذكره هنا من بعض المواقف الإنسانية الحية تجسد بعضاً مما نريد توضيحه في هذا المجال التفكيري.. فأحد الأشخاص حينما قال له أحد المهندسين لابد لك من أن تنفذ جميع القواعد الواردة في مخطط عمارتك حيث اعترض على عددها قال له وبمنتهى البساطة لا داعي لتنفيذها كلها فالمهم منها ما كان في الجوانب الرئيسة والوسط فقط وعندما أكد عليه بضرورة ذلك ما لبث أن رد عليه بقول: أنتم يا مهندسون تضخمون الأمور وتكبرونها و هي لا تستحق فلقد كنا في الماضي وحتى إلى عهد قريب لا نعرف مثل هذه القواعد وكل ما كنا نفعله هو وضع السيسان من حجر وطين ومع هذا لم تسقط علينا بيوتنا في ذلك الوقت بل أن بعضها لا يزال قائماً إلى اليوم (فالكلام على النية) مما حدا بهذا المهندس إلى طلب ابن هذا الرجل والذي بحضوره واقناعه لوالده تنفذ المطلوب.. في حين أن شخصاً آخر لم يبرح مكتب ذلك المهندس الذي اتفق معه لتصميم مخطط لعمارته ما لم يؤكد عليه بضرورة تكبير حجم قواعد عمارته وربطها ببعضها البعض مع زيادة حديد التسليح ما أمكن مبرراً ذلك بانه ربما تساعفه الظروف لزيادة عدد الادوار..

اما المعلم (…) والذي اخترناه كنموذج رائع لتربية التفكير وتنميته فقد كان له شأن آخر مع أحد طلبته فبدلاً من أن يعمد إلى ضربه حيث رآه يلقي زجاجة فارغة على الأرض بجوار مدرسته بعد انصراف طلابها قام باستدعائه ومن ثم اخذه بكل هدوء وسكينة إلى مكان آخر بعيداً عن زملائه الطلاب حتى إذا ما احاطه بمشاعره الطيبة طرح عليه بعض الاسئلة بهدف تنمية تفكيره ومن ثم تعديل سلوكه (أسلوب حل المشكلات) ومن ذلك سؤاله للطالب: أما كنت تتوقع أن تنكسر هذه الزجاجة التي ألقيت بها على الأرض؟ ولو أن أحداً من الناس مشى عل يها دون انتباه ونفذت إلى جسمه وحدث له تسمم فما الذي تفعله لو كنت مكانه؟ ومن جهة أخرى كيف يكون عليه حالك فيما لو كان هذا الشخص الذي تعرض للتسمم هو أعز الناس عليك كأن يكون أباك أو أحد اخوتك أو صديقاً حميماً لك وأن هذا التسمم قد شمل كافة جسمه إلى أن أودى بحياته؟ حتى إذا ما انتهى المعلم من هذه الاسئلة قال له التلميذ والله يا أستاذي: لقد أثرت في نفسي أشياء كثيرة لم تكن في الحسبان ويعلم الله أن كل ما كنت أدركه هو أن هذه الزجاجة التي رميتها على الأرض حتى لو انكسرت فلا أعتقد أنها بهذه البساطة تنفذ إلى أرجل المارين وهم يلبسون أحذية ذات أكعب عالية أو محكمة الصنع غالباً، كما أنني لا أتوقع أحداً من الناس يمر عليها وهو يراها وفي نفس الوقت لا أتوقع أن عمال النظافة المتواجدين هنا بصفة دائمة يتركون مثل هذا الزجاج مبعثراً على الأرض دون تنظيف هكذا قال الطالب: والذي ما ان ادرك أبعاد هذه المشكلة إلا وقد قطع على نفسه عهداً بعدم تكرار ذلك مستقبلا وهنا لا يفوتنا أن نشير في هذا المقام إلى أن المعلم لو أنه استخدم الضرب لعلاج هذا التصرف الذي حدث من قبل تلميذه وهو وقتي بلاشك لكان مدعاة لنفور هذا الطالب ولربما يدفعه هذا إلى المزيد من مثل هذا السلوك السيىء ولكن وكما قرأتم آنفاً ان الطالب حس بخطأه واستشعر عن كثب ابعاد تصرفه إلى الحد الذي قطع على نفسه عهداً بعدم تكرار مثل هذا مرة اخرى.

تذكرني هذه الواقعة بقصة ذلك الشاب الذي مثل أمام الرسول صلى الله عليه وسلم ليستأذنه في فعل فاحشة الزنا والذي ما ان ادرك أبعاده وخطره فيما لو وقع لأمه أو لأخته أو أحد قريباته حيث اثار فيه الرسول صلى الله عليه وسلم حب الفضول والغيرة على نساء أهله من خلال طرح بعض الاسئلة عليه كقول: (أترضاه لأمك – أترضاه لأختك…) وهي الأسئلة التي كان جوابه عليها بالنفي قطعاً.. إلا وقد غير هذا الشاب ومن خلالها نمط تفكيره الخاطئ في هذه المسألة إلى نمط آخر من التفكير السليم والذي كان من نتائجه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له بالبركة والتوفيق. فما أحرانا بالاستفادة من مثل هذه القصص فنستلهم منها العظة والعبرة وما أجملنا ونحن ننبذ مثل هذه السلوكيات المشينة والتي ليست من الأخلاق في شيء سوى الندم والخسارة وغضب الله تعالى ناهيك عما تحدثه مثل هذه السلوكيات المخالفة لأبسط قواعد السلوك والاخلاق الكريمة بين الناس من كراهية وفرقة ما الله بها عليم قال صلى الله عليه وسلم “حب لأخيك ما تحبه لنفسك”.. وفي المثل كما تدين تدان.. نعود ثانية لنؤكد أن التفكير كأحد أعمال العقل أمر مهم للتفاعل مع الحياة (أنا أفكر.. إذاً أنا موجود) على حد تعبير (ديكارت) ولكن مع هذا ينبغي الا نستغله في استجلاب الضرر لأنفسنا كأن يفكر أحدنا في الانتحار للتخلص من ضغوط الحياة ومنغصاتها وهي النظرة التفكيرية الخاطئة للحياة كنتيجة حتمية لضعف الإيمان أو ان نستغله في استجلاب المخدرات بأي طريقة كانت لأجل تعاطيها أو ترويجها بين الناس فنقع حينئذ في المهلكات التي حذرنا منها الإسلام لما فيها من أضرار كبيرة وجسيمة وهلاك للإنسان، كما في قوله {ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة} أو أن نستغله (أي التفكير) في ايذاء الناس من خلال تبني افكار هدامة أو منحرفة أو شاذة عن منهجية الحق واليقين وخاصة المجتمع المسلم قال تعالى {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً واثماً مبيناً} – الاحزاب .58.

هذا ما أردناه لهذا الموضوع المهم لحياتنا مؤكدين في ذات الوقت بأن تنمية التفكير واتساع المدارك لا يأتي من فراغ وانما يتحقق بكثرة القراءة والاطلاع على ما يدور في فلك الحياة من علوم ومعارف وثقافات اضافة للوقوف على حقائق الأمور من خلال التفقه في الدين واجراء التجارب والأبحاث وليس العكس حيث ينغلق الإنسان على نفسه فلا يجد بداً من انحسار تفكيره وكثرة اخطائه وتجاوزاته.. وحسبي أن حسن السلوك من حسن التفكير وان حسنيهما يتحقق مع وجود القلب السليم العامر بالإيمان ولا غير قال صلى الله عليه وسلم (الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات.. إلى قوله: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله الا وهو القلب) والقلب يعني في هذا الاطار حسب رأي كثير من العلماء ممن تعمقوا في دراسة هذا الجانب هو العقل الباطني وبما يدور في كنفه من بصيرة وضمير وارادة ووجدان والتي تؤلف في مجملها النهائي الضابط العام لبلورة الافكار والنوازع وما ينضوي عنها من سلوكيات بين افعل ولا تفعل والتي إذا ما غلفت بالإيمان كما أسلفنا كانت محققة لاستقامة السلوك قال تعالى {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو اذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} – الحج .46.والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

رؤى

Connect with us

تواصل معنا

رؤى

Connect with us

تواصل معنا

موقع قلم بار-رؤى تربوية تعليمية ثقافية اجتماعية

قلم بار-Copyright [2023-2024]@

Scroll to Top