يُمثل التفكير أحد العمليات العقلية التي لا غنى عنها لدى جميع الناس، بل وأثمنها على امتداد حياتهم، ولقد صدق الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت، حينما قال: أنا أفكر إذاً أنا موجود، فيما قال ابن القيم الجوزية رحمه الله بأن التفكير مفتاح الخير، واكتشاف حقائق الأشياء، والتمييز بين الوهم والخيال، وما ينبغي السعي لتحصيله، والسعي لدفع أسبابه، وله أنواع ومنها: التفكير، العياني والاستدلالي والتجريدي والتخيلي والابداعي، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تدعوا للتفكير في قدرة الله وعظمته وبديع صنعه، وعجائب مخلوقاته من ذلك قوله تعالى ( وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) وقوله أيضاً ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) بالإضافة للتفكر فيما آلت إليه الأقوام البائدة من دمار وهلاك لما عصوا أمر ربهم، لأجل أخذ العبرة والاتعاظ بما حلّ بهم من عذاب أليم، ولأن الناس جميعهم ليسوا على سواء في تفكيرهم، لاختلاف مذاهبهم الدينية والفلسفية وقيمهم الاجتماعية والثقافية، فإن هذا ما جعل كلاً منهم ينتهج طريقة خاصة في التفكير، وفي وزنه، وتقديره للأمور، فأبن نوح عليه السلام، عندما ناداه أبيه وقتما داهمهم الطوفان بنص القرآن الكريم( يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ) رد عليه هذا الأبن بتفكيره المحدود( سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ) ليجيبه والده (لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ، وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ) أما ذلكم الشاب الذي حضر للنبي صلى الله عليه وسلم ليستأذنه في فعل فاحشة الزنا، فقد سأله بعدما أمره بالجلوس ( أترضاه لأمك، أترضاه لأختك وهكذا…) فيجيبه (بلا) في كل مرة، ليقطع هذا الشاب على نفسه عهداً بعدم اللجوء لمثل هذا السلوك الحرام ، فدعا الرسول له حينئذ بالبركة، وهناك الكثير من مثل هذه السلوكيات التي تحدث بين ظهرانينا من حين لآخر، من ناتج هذا التفكير غير الخلاق، فأحد القائمين على مكاتب الخدمات المنزلية، دفعه تفكيره الذي لا يخلوا من ملوثات الكذب والخداع والنصب والاحتيال، لترويج ما لديه من خادمات منزلية، بعد عودتهن من لدن مُستفيدين سابقين بعد انقضاء فترة التجربة نظراً لعدم صلاحيتهن، والأنكى من ذلك إصراره، بعدم إعادة حقوق هؤلاء المستفيدين المالية وهي كبيرة جداً، أو تعويضهم بخادمات أفضل من سابقاتهن، ليختم العوبته وضحكه وتحقيق مراده بالحلف بالله العلي العظيم أمام الجهات المعنية بأنه لا حق لهم لديه، بحضور، أحدهم بعدما تقدم بشكوى ضده، ليدخل هذا الشخص المكابر والعنيد في دهاليز الظلم الذي حرمه الله على نفسه، بينما لجأ من ظلمهم لمولاهم عزة وجلّ، ولسان حالهم يقول حسبنا الله ونعم الوكيل، مرددين قول الله تبارك وتعالى( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ، وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) هكذا يتجلى التفكير، وقتما يكون صاحبه رهيناً لمشاعر الاستعلاء، والاستغلال والطمع والجشع، وهو ما أكد عليه المُفكر الغربي، جان رسو، حينما قال: بأن التفكير النبيل دائماً ما يكون صعباً، عندما لا يُفكر صاحبة، إلا في الكسب المادي فقط، ولذا ما أحري بالإنسان المسلم أن يأخذ في الاعتبار، الجوانب المُضيئة للتفكير السليم ممثلة في مخافة الله وحسن النية ويقظة الضمير، والسمو بالأخلاق والمُثل العليا، قال صلى الله عليه وسلم( أَلَا وإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وهِيَ الْقَلْبُ ) والقلب بإجماع علماء النفس، العقل الباطني وما يدور في كنهه من إرادة، وضمير، وبعد نظر، ومؤطرات انفعالية وعاطفية، والتي تؤلف في مُجملها النهائي الضابط العام لبلورة الأفكار، والنوازع وما ينضوي عنها من سلوكيات بين أفعل ولا تفعل، والتي إذا ما غُلفت بالإيمان الصادق بالله تعالى، كانت مُحققة لاستقامة السلوك الذي حث عليه الإسلام بقول الله تعالى ( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) أما المتلاعبين بمشاعر الناس، والمتاجرين بحقوقهم، بغير حق مشروع، فلينتظروا عقوبة الذي يُمهل ولا يُهمل والقائل في كتابه العزيز( أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ*مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسۡتَوۡقَدَ نَارٗا فَلَمَّآ أَضَآءَتۡ مَا حَوۡلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمۡ وَتَرَكَهُمۡ فِي ظُلُمَٰتٖ لَّا يُبۡصِرُونَ) فعلى من يقوم بخدمة الناس في أي مجال أو نشاط حياتي عليه الالتزام بما تتطلبه هذه الخدمة من مصداقية، واتقان وصلاحية، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: أحب لأخيك ما تحبه لنفسك وأكره له ما تكرهها لها، وأن يدرك مع هذا كله، بأن الكسب الحرام مآله الخسارة ولو بعد حين، والعكس صحيح متى ما قام أي عمل على الصدق والأمانة والإخلاص والنزاهة المتناهية، يقول أحد المفكرين، وهو ما نختم به مقالنا هذا: حين أرى الظلم في العالم أسلي نفسي دوماً بالتفكير، من أن هناك جهنم تنتظر أولئك الظالمون.
يُمثل التفكير أحد العمليات العقلية التي لا غنى عنها لدى جميع الناس، بل وأثمنها على امتداد حياتهم، ولقد صدق الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت، حينما قال: أنا أفكر إذاً أنا موجود، فيما قال ابن القيم الجوزية رحمه الله بأن التفكير مفتاح الخير، واكتشاف حقائق الأشياء، والتمييز بين الوهم والخيال، وما ينبغي السعي لتحصيله، والسعي لدفع أسبابه، وله أنواع ومنها: التفكير، العياني والاستدلالي والتجريدي والتخيلي والابداعي، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تدعوا للتفكير في قدرة الله وعظمته وبديع صنعه، وعجائب مخلوقاته من ذلك قوله تعالى ( وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) وقوله أيضاً ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) بالإضافة للتفكر فيما آلت إليه الأقوام البائدة من دمار وهلاك لما عصوا أمر ربهم، لأجل أخذ العبرة والاتعاظ بما حلّ بهم من عذاب أليم، ولأن الناس جميعهم ليسوا على سواء في تفكيرهم، لاختلاف مذاهبهم الدينية والفلسفية وقيمهم الاجتماعية والثقافية، فإن هذا ما جعل كلاً منهم ينتهج طريقة خاصة في التفكير، وفي وزنه، وتقديره للأمور، فأبن نوح عليه السلام، عندما ناداه أبيه وقتما داهمهم الطوفان بنص القرآن الكريم( يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ) رد عليه هذا الأبن بتفكيره المحدود( سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ) ليجيبه والده (لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ، وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ) أما ذلكم الشاب الذي حضر للنبي صلى الله عليه وسلم ليستأذنه في فعل فاحشة الزنا، فقد سأله بعدما أمره بالجلوس ( أترضاه لأمك، أترضاه لأختك وهكذا…) فيجيبه (بلا) في كل مرة، ليقطع هذا الشاب على نفسه عهداً بعدم اللجوء لمثل هذا السلوك الحرام ، فدعا الرسول له حينئذ بالبركة، وهناك الكثير من مثل هذه السلوكيات التي تحدث بين ظهرانينا من حين لآخر، من ناتج هذا التفكير غير الخلاق، فأحد القائمين على مكاتب الخدمات المنزلية، دفعه تفكيره الذي لا يخلوا من ملوثات الكذب والخداع والنصب والاحتيال، لترويج ما لديه من خادمات منزلية، بعد عودتهن من لدن مُستفيدين سابقين بعد انقضاء فترة التجربة نظراً لعدم صلاحيتهن، والأنكى من ذلك إصراره، بعدم إعادة حقوق هؤلاء المستفيدين المالية وهي كبيرة جداً، أو تعويضهم بخادمات أفضل من سابقاتهن، ليختم العوبته وضحكه وتحقيق مراده بالحلف بالله العلي العظيم أمام الجهات المعنية بأنه لا حق لهم لديه، بحضور، أحدهم بعدما تقدم بشكوى ضده، ليدخل هذا الشخص المكابر والعنيد في دهاليز الظلم الذي حرمه الله على نفسه، بينما لجأ من ظلمهم لمولاهم عزة وجلّ، ولسان حالهم يقول حسبنا الله ونعم الوكيل، مرددين قول الله تبارك وتعالى( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ، وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) هكذا يتجلى التفكير، وقتما يكون صاحبه رهيناً لمشاعر الاستعلاء، والاستغلال والطمع والجشع، وهو ما أكد عليه المُفكر الغربي، جان رسو، حينما قال: بأن التفكير النبيل دائماً ما يكون صعباً، عندما لا يُفكر صاحبة، إلا في الكسب المادي فقط، ولذا ما أحري بالإنسان المسلم أن يأخذ في الاعتبار، الجوانب المُضيئة للتفكير السليم ممثلة في مخافة الله وحسن النية ويقظة الضمير، والسمو بالأخلاق والمُثل العليا، قال صلى الله عليه وسلم( أَلَا وإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وهِيَ الْقَلْبُ ) والقلب بإجماع علماء النفس، العقل الباطني وما يدور في كنهه من إرادة، وضمير، وبعد نظر، ومؤطرات انفعالية وعاطفية، والتي تؤلف في مُجملها النهائي الضابط العام لبلورة الأفكار، والنوازع وما ينضوي عنها من سلوكيات بين أفعل ولا تفعل، والتي إذا ما غُلفت بالإيمان الصادق بالله تعالى، كانت مُحققة لاستقامة السلوك الذي حث عليه الإسلام بقول الله تعالى ( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) أما المتلاعبين بمشاعر الناس، والمتاجرين بحقوقهم، بغير حق مشروع، فلينتظروا عقوبة الذي يُمهل ولا يُهمل والقائل في كتابه العزيز( أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ*مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسۡتَوۡقَدَ نَارٗا فَلَمَّآ أَضَآءَتۡ مَا حَوۡلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمۡ وَتَرَكَهُمۡ فِي ظُلُمَٰتٖ لَّا يُبۡصِرُونَ) فعلى من يقوم بخدمة الناس في أي مجال أو نشاط حياتي عليه الالتزام بما تتطلبه هذه الخدمة من مصداقية، واتقان وصلاحية، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: أحب لأخيك ما تحبه لنفسك وأكره له ما تكرهها لها، وأن يدرك مع هذا كله، بأن الكسب الحرام مآله الخسارة ولو بعد حين، والعكس صحيح متى ما قام أي عمل على الصدق والأمانة والإخلاص والنزاهة المتناهية، يقول أحد المفكرين، وهو ما نختم به مقالنا هذا: حين أرى الظلم في العالم أسلي نفسي دوماً بالتفكير، من أن هناك جهنم تنتظر أولئك الظالمون.