Loading

الفضائيات بين الايجابيات والسلبيات

قبل سنوات قليلة قد مضين من عمر الزمن كان الكثير منا يتخوف على أبنائه من بعض الصحف والمجلات الوافدة التي قد تصل إليهم بطريقة أو بأخرى وهي تحمل أفكارا أو موضوعات مخالفة لقيمنا الإسلامية وعاداتنا وتقاليدنا العربية العريقة علما بأن مثل هذه الصحف والمجلات قلما تصل لهذه البلاد أو يتعذر دخولها البتة بحكم تشديد الرقابة عليها أو إتلاف ما قد تتضمنه هذه الصحف والمجلات من موضوعات مخالفة لهذه القيم والآداب العامة في لحظة دخولها من قبل جهة الاختصاص في عموم منافذ المملكة فيما كان البعض من المقيمين في بعض المناطق الحدودية يتخوفون هم الآخرون على أبنائهم من جراء ما قد يصلهم من دول الجوار من برامج تلفزيونية ذات مفاهيم مختلفة أو مغايرة لواقع حياة الناس في هذا الوطن المحافظ . أما اليوم فلم يعد هذا التخوف بقاصر على هاتين الوسيلتين فحسب وإنما تجاوزه إلى أبعاد بعيدة لم تكن في الحسبان ممثلا في الفضائيات والتي لم تعد تلك الرقابة أو حتى التشفير بوسائل مجدية للحيلولة دون وصول ما تبثه هذه الفضائيات من سموم وأفكار ومبادئ هدامة للقيم والأخلاق الكريمة السامية ومن مختلف أنحاء العالم إلينا. فالفضاء أصبح متسعا لمثل هذه الغاية والناس باتوا فيه بين مُخير ومُسير لاستقبال كل ما تمطره عليهم هذه الفضائيات من غث وسمين فالأب المحافظ مثلاً إن هو تمكن من إبعاد هذه الفضائيات من بيته فإنه لن يكون في مقدوره من منع أبنائه من مشاهدتها من خلال بعض الأقارب أو الجيران أو مصاحبة زملائهم أو الجلوس معهم في الاستراحات وما شابه ذلك ، فلقد دلت الكثير من الدراسات بخصوص هذه المسألة بأنه من الصعوبة بمكان الوقوف أمام هذه الفضائيات الجارفة أو الحيلولة دون وصولها الى أي مجتمع على امتداد الكرة الأرضية من ذلك ما أشار إليه احد الباحثين من ان هناك دراسة قديمة قد طبقت على عينة من أطفال إحدى الدول الغربية لمعرفة مدى تأثرهم بهذه الفضائيات والتي لم تكن على هذا النحو الهائل من الانتشار تبين من تلك الدراسة بأن هؤلاء الأطفال لم يعرفوا في لحظتها بأنهم من بلد غير البلد الذي يستقبلون منه هذه الفضائيات وقبلها التلفزيونات المحلية بطبيعة الحال وكل ذلك ناتج من تأثرهم ببرامج ذلك البلد المجاور لبلدهم الأم ، فتأثير الفضائيات مُسوّغ لا يختلف عليه اثنان على الإطلاق كما أن حجم هذا التأثير بات أكبر مما يتصوره العقل البشري لا سيما على الأطفال والذين دائماً ما يتسمون بشدة التأثر وميلهم إلى التقليد يليهم في هذا المنحى بعض الشباب وخاصة في مرحلة المراهقة والذين يتميزون في العادة بعدم الثبات العاطفي والانفعالي بالإضافة لميلهم للاستقلال والتحرر من القيود والتوق لنيل العظمة والانبهار بالآخرين ممن لهم شأن كبير في سُلّم اهتماماتهم وميولهم الشخصية كالرياضيين مثلا ، والسؤال الذي لابد منه في هذه العجالة هو ما الحل ؟ يقول أكثر الباحثين في هذا الصدد لا سيما المنتسبين منهم لهذا الدين القويم بأن خير وسيلة لتجنب مساوئ هذه الفضائيات بصفة خاصة والإعلام بصفة عامة يتلخص فيما يلي (1) تحصين عموم الأبناء بسياج من روح العقيدة الإسلامية السمحة وتذكيرهم بصفة مستمرة بتقوى الله وطاعته وإن الله سبحانه وتعالى يراقبهم في السر والعلن وإن خروجهم عن هذه الجادة التي رسمها هذا الدين القويم سوف يؤول بهم إلى ما لا تحمد عقباه من الضياع والثبور والهلاك عاجلا أم آجلاً (2) زيادة وعي الشباب على وجه التحديد بمدى ما تشكله البرامج الماجنة أو المغرضة والتي تبثها بعض الفضائيات دون خجل أو وازع من ضمير أو خوف من الله من انعكاسات سيئة على ذواتهم وعلى مجتمعهم ووطن على حد سواء (3) العمل على الارتقاء بالمستوى التعليمي والثقافي والفكري لدى عامة الأبناء أينما وجدوا على تراب هذا الوطن العزيز وذلك بمختلف الطرق والوسائل الرامية لذلك (3) ضرورة أن يعي كل أب وأم ومُعلم ومُربي وكل من تقع على عاتقه  مسؤولية تربية أبناء هذه الأمة بعظم دورهم التربوي والتعليمي وأن يدركوا تماماً بأنهم في حالة تهاونهم أو تقصيرهم أو تخليهم عن القيام بهذه المسؤولية التربوية سوف يحاسبون في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم (4) لابد للجهات المعنية بالإعلام في بلادنا أن تقوم بدورها الايجابي في كل ما تقدمه للمجتمع من برامج توعوية وتثقيفية لأجل تبصير كافة الأفراد بمدى خطورة ما قد تبثه بعض وسائل الإعلام الخارجية وخاص المرئية منها من أفكار تدعو للرذيلة والعنف والتطرف والخروج عن الآداب العامة والخلق الرفيع وطاعة ولاة الأمر(5) العمل الجاد في إنتاج برامج تلفزيونية محلية هادفة بحيث تنافس ما تقدمه الفضائيات الأخرى من برامج متنوعة والتي غالباً ما تتسم بعدم المصداقية في الفكر والأخلاق عوضا عن سعيها الحثيث في ترسيخ المبادئ الفاسدة لدى الأطفال والشباب لهدف إبعادهم عن دينهم وإثارة نوازع الشر فيهم لأجل جلب الضرر عليهم وعلى مجتمعهم ووطنهم أو لأهداف وغايات بغيضة تحاك ضد هذه الأمة حسدا من عند أنفسهم، فالله الله يا من اؤتمنت على فلذات الأكباد من التهاون أو التقاعس في مثل هذا الدور التربوي المهم لحياة أبنائنا بعمومهم ولندرك سوياً بأن الفضائيات وحتى المفيد منها هي الأخرى لها انعكاسات سيئة على الأبناء ولكن من الناحية الصحية والنفسية والعضوية كناتج حتمي للجلوس الطويل أمام هذا الجهاز المؤثر كضعف البصر وتقوس العمود الفقري والسمنة وترهل الجسم بالإضافة للميل للكسل والتراخي والاتكالية وعدم المقدرة في الاستيقاظ المبكر والقدرة على استيعاب الدروس وحل الواجبات المدرسية نتيجة للسهر الطويل والانشغال بمشاهدة البرامج التلفزيونية على حساب هذا الهدف التربوي وغير ذلك من الصراعات النفسية والتي عادة ما تنشأ من اختلاف ما يشاهده الطفل عبر الشاشة التلفزيونية مقارنة بما يشاهده أو يلمسه على أرض الواقع. ولعلنا نختم مقالنا هذا بما ذهب إليه المفكر والكاتب الأمريكي المعاصر (جيري ما ندر) والذي له تجربة طويلة في حقل الإعلام حين قال: على الرغم من أننا ربما لا نكون قادرين على فعل أي شيء تجاه العبث بالهندسة الوراثية وتواجد القنابل النيوترونية إلا أننا كأفراد نستطيع أن نقول (لا) للتلفزيون وأن نتخلص من أجهزتنا برميها في سلات النفايات . . ذلك لان فكرة التلفزيون وبرامجه لا يمكن إصلاحها بأي حال من الأحوال لأن مشكلاته مرتبطة في التقنية نفسها . . وليس بإمكان جيل جديد من مسئولي التلفزيون ممن يتمتعون بحسن النية أن يغيروا ما يفعله هذا الجهاز للذين يشاهدونه لأن تأثيراته على الجسم والعقل لا يمكن فصلها عن تجربة المشاهدة، مضيفاً، لذلك بأنه لا يستطيع أن يرى فوائد إلا في عالم يخلو من التلفزيون !

( هذا المقال يمثل جزئا يسيرا من بحث قدمه الكاتب في اللقاء الثاني للشراكة بين التربية والإعلام الذي أنعقد بمكة المكرمة عام 1426هـ والذي تم تحت رعاية الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة مكة المكرمة 

الفضائيات بين الايجابيات والسلبيات

قبل سنوات قليلة قد مضين من عمر الزمن كان الكثير منا يتخوف على أبنائه من بعض الصحف والمجلات الوافدة التي قد تصل إليهم بطريقة أو بأخرى وهي تحمل أفكارا أو موضوعات مخالفة لقيمنا الإسلامية وعاداتنا وتقاليدنا العربية العريقة علما بأن مثل هذه الصحف والمجلات قلما تصل لهذه البلاد أو يتعذر دخولها البتة بحكم تشديد الرقابة عليها أو إتلاف ما قد تتضمنه هذه الصحف والمجلات من موضوعات مخالفة لهذه القيم والآداب العامة في لحظة دخولها من قبل جهة الاختصاص في عموم منافذ المملكة فيما كان البعض من المقيمين في بعض المناطق الحدودية يتخوفون هم الآخرون على أبنائهم من جراء ما قد يصلهم من دول الجوار من برامج تلفزيونية ذات مفاهيم مختلفة أو مغايرة لواقع حياة الناس في هذا الوطن المحافظ . أما اليوم فلم يعد هذا التخوف بقاصر على هاتين الوسيلتين فحسب وإنما تجاوزه إلى أبعاد بعيدة لم تكن في الحسبان ممثلا في الفضائيات والتي لم تعد تلك الرقابة أو حتى التشفير بوسائل مجدية للحيلولة دون وصول ما تبثه هذه الفضائيات من سموم وأفكار ومبادئ هدامة للقيم والأخلاق الكريمة السامية ومن مختلف أنحاء العالم إلينا. فالفضاء أصبح متسعا لمثل هذه الغاية والناس باتوا فيه بين مُخير ومُسير لاستقبال كل ما تمطره عليهم هذه الفضائيات من غث وسمين فالأب المحافظ مثلاً إن هو تمكن من إبعاد هذه الفضائيات من بيته فإنه لن يكون في مقدوره من منع أبنائه من مشاهدتها من خلال بعض الأقارب أو الجيران أو مصاحبة زملائهم أو الجلوس معهم في الاستراحات وما شابه ذلك ، فلقد دلت الكثير من الدراسات بخصوص هذه المسألة بأنه من الصعوبة بمكان الوقوف أمام هذه الفضائيات الجارفة أو الحيلولة دون وصولها الى أي مجتمع على امتداد الكرة الأرضية من ذلك ما أشار إليه احد الباحثين من ان هناك دراسة قديمة قد طبقت على عينة من أطفال إحدى الدول الغربية لمعرفة مدى تأثرهم بهذه الفضائيات والتي لم تكن على هذا النحو الهائل من الانتشار تبين من تلك الدراسة بأن هؤلاء الأطفال لم يعرفوا في لحظتها بأنهم من بلد غير البلد الذي يستقبلون منه هذه الفضائيات وقبلها التلفزيونات المحلية بطبيعة الحال وكل ذلك ناتج من تأثرهم ببرامج ذلك البلد المجاور لبلدهم الأم ، فتأثير الفضائيات مُسوّغ لا يختلف عليه اثنان على الإطلاق كما أن حجم هذا التأثير بات أكبر مما يتصوره العقل البشري لا سيما على الأطفال والذين دائماً ما يتسمون بشدة التأثر وميلهم إلى التقليد يليهم في هذا المنحى بعض الشباب وخاصة في مرحلة المراهقة والذين يتميزون في العادة بعدم الثبات العاطفي والانفعالي بالإضافة لميلهم للاستقلال والتحرر من القيود والتوق لنيل العظمة والانبهار بالآخرين ممن لهم شأن كبير في سُلّم اهتماماتهم وميولهم الشخصية كالرياضيين مثلا ، والسؤال الذي لابد منه في هذه العجالة هو ما الحل ؟ يقول أكثر الباحثين في هذا الصدد لا سيما المنتسبين منهم لهذا الدين القويم بأن خير وسيلة لتجنب مساوئ هذه الفضائيات بصفة خاصة والإعلام بصفة عامة يتلخص فيما يلي (1) تحصين عموم الأبناء بسياج من روح العقيدة الإسلامية السمحة وتذكيرهم بصفة مستمرة بتقوى الله وطاعته وإن الله سبحانه وتعالى يراقبهم في السر والعلن وإن خروجهم عن هذه الجادة التي رسمها هذا الدين القويم سوف يؤول بهم إلى ما لا تحمد عقباه من الضياع والثبور والهلاك عاجلا أم آجلاً (2) زيادة وعي الشباب على وجه التحديد بمدى ما تشكله البرامج الماجنة أو المغرضة والتي تبثها بعض الفضائيات دون خجل أو وازع من ضمير أو خوف من الله من انعكاسات سيئة على ذواتهم وعلى مجتمعهم ووطن على حد سواء (3) العمل على الارتقاء بالمستوى التعليمي والثقافي والفكري لدى عامة الأبناء أينما وجدوا على تراب هذا الوطن العزيز وذلك بمختلف الطرق والوسائل الرامية لذلك (3) ضرورة أن يعي كل أب وأم ومُعلم ومُربي وكل من تقع على عاتقه  مسؤولية تربية أبناء هذه الأمة بعظم دورهم التربوي والتعليمي وأن يدركوا تماماً بأنهم في حالة تهاونهم أو تقصيرهم أو تخليهم عن القيام بهذه المسؤولية التربوية سوف يحاسبون في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم (4) لابد للجهات المعنية بالإعلام في بلادنا أن تقوم بدورها الايجابي في كل ما تقدمه للمجتمع من برامج توعوية وتثقيفية لأجل تبصير كافة الأفراد بمدى خطورة ما قد تبثه بعض وسائل الإعلام الخارجية وخاص المرئية منها من أفكار تدعو للرذيلة والعنف والتطرف والخروج عن الآداب العامة والخلق الرفيع وطاعة ولاة الأمر(5) العمل الجاد في إنتاج برامج تلفزيونية محلية هادفة بحيث تنافس ما تقدمه الفضائيات الأخرى من برامج متنوعة والتي غالباً ما تتسم بعدم المصداقية في الفكر والأخلاق عوضا عن سعيها الحثيث في ترسيخ المبادئ الفاسدة لدى الأطفال والشباب لهدف إبعادهم عن دينهم وإثارة نوازع الشر فيهم لأجل جلب الضرر عليهم وعلى مجتمعهم ووطنهم أو لأهداف وغايات بغيضة تحاك ضد هذه الأمة حسدا من عند أنفسهم، فالله الله يا من اؤتمنت على فلذات الأكباد من التهاون أو التقاعس في مثل هذا الدور التربوي المهم لحياة أبنائنا بعمومهم ولندرك سوياً بأن الفضائيات وحتى المفيد منها هي الأخرى لها انعكاسات سيئة على الأبناء ولكن من الناحية الصحية والنفسية والعضوية كناتج حتمي للجلوس الطويل أمام هذا الجهاز المؤثر كضعف البصر وتقوس العمود الفقري والسمنة وترهل الجسم بالإضافة للميل للكسل والتراخي والاتكالية وعدم المقدرة في الاستيقاظ المبكر والقدرة على استيعاب الدروس وحل الواجبات المدرسية نتيجة للسهر الطويل والانشغال بمشاهدة البرامج التلفزيونية على حساب هذا الهدف التربوي وغير ذلك من الصراعات النفسية والتي عادة ما تنشأ من اختلاف ما يشاهده الطفل عبر الشاشة التلفزيونية مقارنة بما يشاهده أو يلمسه على أرض الواقع. ولعلنا نختم مقالنا هذا بما ذهب إليه المفكر والكاتب الأمريكي المعاصر (جيري ما ندر) والذي له تجربة طويلة في حقل الإعلام حين قال: على الرغم من أننا ربما لا نكون قادرين على فعل أي شيء تجاه العبث بالهندسة الوراثية وتواجد القنابل النيوترونية إلا أننا كأفراد نستطيع أن نقول (لا) للتلفزيون وأن نتخلص من أجهزتنا برميها في سلات النفايات . . ذلك لان فكرة التلفزيون وبرامجه لا يمكن إصلاحها بأي حال من الأحوال لأن مشكلاته مرتبطة في التقنية نفسها . . وليس بإمكان جيل جديد من مسئولي التلفزيون ممن يتمتعون بحسن النية أن يغيروا ما يفعله هذا الجهاز للذين يشاهدونه لأن تأثيراته على الجسم والعقل لا يمكن فصلها عن تجربة المشاهدة، مضيفاً، لذلك بأنه لا يستطيع أن يرى فوائد إلا في عالم يخلو من التلفزيون !

( هذا المقال يمثل جزئا يسيرا من بحث قدمه الكاتب في اللقاء الثاني للشراكة بين التربية والإعلام الذي أنعقد بمكة المكرمة عام 1426هـ والذي تم تحت رعاية الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة مكة المكرمة 

رؤى

Connect with us

تواصل معنا

رؤى

Connect with us

تواصل معنا

موقع قلم بار-رؤى تربوية تعليمية أدبية اجتماعية ثقافية

قلم بار-Copyright [2023-2024]@

Scroll to Top